Wednesday, September 11, 2013

نصائح لمنتجي المأكولات المنزلية في الأردن

في ظل الوضع الاقتصادي السيء الذي يواجه المواطنين في المملكة الأردنية الهاشمية، بدأت ثقافة العيب التي كانت متأصلة في جذور وعادات الأردنيين بالانحلال شيئاً فشيئاً، وهذا يعتبر من المؤشرات الجيدة ومن حسنات الوضع الاقتصادي السيء.



إذ تجد الأن الكثير من العائلات الأردنية تبحث عن مصادر جديدة للدخل لزيادة دخلها الذي كان في الأساس يعتمد على الراتب الوظيفي، سواء كان هذا الراتب يأتي من القطاع العام أو الخاص، ومن أكثر مصادر الدخل التي اصبح الأردنيين يتطلعون إلها هي المأكولات منزلية الصنع، وذلك لرواج المأكولات والأطايب عند جميع أفراد المجتمع الأردني.

وبما أن الشعب الأردني يعتبر جديد في هذا المجال، فإن الكثير من المنتجين يقعون في العديد من الأخطاء، وهذه الأخطاء لمستها في عملي حين شرعت في بيع هذه المنتجات، وفيما يلي بعض النصائح والملاحظات التي أود أن أضعها في يدي منتجي المأكولات المنزلية علها تساعدهم في تحسين منتجاتهم وزيادة دخلهم.

1. "أنا أصنع كل شيء"

هذه الجملة السحرية التي اسمعها من الكثير من البشر الذين يتصلون بي. "أنا أصنع كل شيء"، معنى هذه الجملة أنك تستطيع أن تصنع كافة أنواع المأكولات والمطبوخات بدأ من الألبان التي تحتاج إلى الحليب الطازج من المزارع، مرورا بالمجمدات والبهارات والحلويات والمحاشي والفواكه المجمدة والمخللات وخل والمربيات والدبس بأنواعه (كمان شوي يمكن تحكيلي إنك بتصنع طيارات!!).

من إين لك الوصول إلى كافة المصادر التي تحتاجها لصناعة كل هذه المنتجات! يمكن الوصول إلى المصادر، ولكن من إين لك رأس المال الكافي لتأتي بكافة المواد الأولية لمثل هذه المنتجات بأسعار منافسة، إن كنت تملك رأسمال بهذا الحجم فما حاجتك لعمل المنتوجات من المنزل!

ولنقل أنك تملك رأس المال الكافي لصناعة كل شيء، فمن إين لك الخبرة بصناعة كل شيء بجودة عالية، إلا أن تكون قد عشت مع الحجة أم محمد زوجة جدك السابع الذي كان يتوجب عليها القيام بكل شيء! أو أنك تمتلك فريق عمل ضخم للقيام بكافة هذه الأعمال!

وهنالك مثل يقول "من قال أنه يعلم كل شيء، فهو لا يعلم شيء".

2. التخصص وقائمة المنتجات والأسعار

تبعا للملاحظة الأولى التي أثبتنا فيها أنك لا تستطيع القيام بصناعة كافة المأكولات، فإنك بالتأكيد سوف تقوم بصناعة مواد غذائية معينة حيث أنك تمتلك الخبرة الكافية بكفية صناعتها وأماكن نواجد المواد الأولية التي تحتاجها.

وهنا أصدم عندما يقوم أحد بالاتصال بي ليبيعني منتجاته وأسئلة ماذا ينتج وما هي الأسعار، وتأتي الصدمة من الإجابة التي اسمعها! إذ تنوعت الإجابات ومنها ما كان منطقيا ولكن أكثرها كان كارثيا، وفيما يلي مجموعة من الاجابات التي سمعتها:
  • نحن نصنع كل شيء! وقد قمت بشرح تداعيات هذه الجملة.
  • جميع أنواع المخللات: هنالك العديد من أنواع المخللات التي لا يمكن حصرها، منها الموسمية ومنها ما هو متوفر طوال أيام السنه، ما هي الأنواع التي تصنعها، مثل هذه الإجابة مثل "جميع أنواع المعمول"، "جميع أنواع المجمدات"، أو "أطلب ما شئت"! لا يتمحور الأمر بما أريد أنا أن أشتريه، بل هو يتمحور حول ما تستطيع أنت تصنيعه، وما هو اختصاصك. يقول المثل "سبع صنايع والبخت ضايع"، والمثل يتكلم من واقع، يجب عليك ان تتخصص في إنتاجك لا أن تتشعب، وخصوصا أنك لا تملك رأس مال ضخم ولا فريق عمل كبير.
  • لا أدري ما هو السعر المناسب! أو حدد أنت السعر!: كيف لي أن أحدد السعر الذي يناسبك، لست أنا من قام بشراء المواد الأولية، ولست أنا من قام بعمليات التصنيع، ولم ادفع فاتورة الكهرباء في منزلك، ولا فاتورة المياه، كل هذا قمت به أنت، إذا أنت من يجب أن يحدد السعر الذي تود أن تبيع به، وفي نهاية الأمر إن كان السعر والجودة مناسبين سوف تتم عملية البيع، وغير ذلك فإن الرزق بيد الله سبحانه وتعالي وليس بيدي.
نصيحتي للجميع أكتب قائمة بالمنتجات التي تنتجها وسعر التكلفة لكل صنف وسعر البيع بحيث تكون جاهزة عند أي سؤال لك للأصناف التي تنتجها. عند سؤال أي شخص عن الأصناف التي لديك ما عليك إلا أن ترسل هذه القائمة (طبعا بدون إظهار سعر التكلفة) للزبون. هكذا أنت تبين للزبون أنك على دراية تامة في مقدراتك وماذا تفعل وما هي جودة منتجاتك.

3. تنويع المنتجات وحاجات السوق

السوق الأردني سوق صغير الحجم ولا يوجد في الكثير من فرص البيع، ولهذا يجب عليك أن تتميز في منتجاتك وأن تنوعها، وهنا لا أقصد أن تنتج كل شيء، بل أقصد أن تنتج ما لا ينتجه غيرك، فعلى سبيل المثال فإن ثلاثة من أصل كل خمس سيدات يقمن بالاتصال بي ينتجون الكبة! كأن الأردنيين لا يعلمون كيف يصنعون شيئاً سوى الكبة! هنالك العديد من المنتجات الأخرى التي يحتاجها السوق الأردني مثل المخللات، والألبان، والأجبان، وجميد، والأعشاب، وغيرها الكثير، فأنظر ما هو الشيء الذي فيه نقص بالإنتاج وتعلم إنتاجه.

4. الجودة ومنافسة الأسعار ومصادر المواد الأساسية

إلي كل من ينتج المأكولات في المنزل، لست أنت الوحيد (أو الوحيدة) الذي يقوم بالإنتاج! الثقة بالنفس شيء جيد ولكن لا تبخس عمل غيرك!

أتلقى الاتصالات بشكل يومي من المنتجين والمنتجات والكل يقول لي نفس الجملة "لن تجد بجودة منتجاتي!"، ولكن حقيقة الأمر مخالفة تماما، إذ أن سياستي في التعامل مع المنتجين تعتمد على التذوق في المقام الأول، وهذا يعني أني تذوقت العديد من الأصناف والكثير منها له نكهة طيبة جدا، مما يعني أنك لست الوحيد الذي ينتج طعاما لذيذاً.

وهذا يقودني للنقطة الثانية وهي السعر، لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تغتر بجودة منتجك لكي ترفع السعر بشكل مبالغ فيه، فمثلما أن طعامك مميز، فإن غيرك عنده طعامٌ مميز أيضا ولكن بسعر أقل منك، فيجب أن يكون سعرك في متناول اليد للزبائن والذي يأهلك لأن تبقى داخل المنافسة في السوق. ولا يعني أن يكون سعرك في متناول اليد أن تبيع بسعر قد تخسر به. 

هنالك جملة سمعتها من أحد التجار وتقول "الشطارة في الشراء وليس في البيع"، ومعنى هذه الجملة أنه كلما وفرت في سعر المواد الأولية الداخلة في المنتج، كلما كان هامش الربح أكبر والسعر منافس أكثر.

ولا يعني أن رخص سعر المادة أنها سيئة الطعم، ولأقل لكم قصة من تجربة شخصية حيث أن أحد أفراد أسرتي تقوم بصناعة الحلويات. في بادئ الأمر كانت تتعامل مع أحد أنواع الزبدة الفاخرة المشهورة، والتي كانت بالضرورة مرتفعة السعر لشهرتها، مما كان يأثر على السعر النهائي للمنتج والذي لم يساعدني في تسويق هذا المنتج، وكانت على قناعة بأن هذه الزبدة هي الوحدة التي تصلح وذلك تبعا لشهرتها، ولكنها اقتنعت بأن تبدأ البحث عن غيرها من البدائل الأرخص ثمنا، وفعلا قامت بالتجربة وجلبت العديد من الأنواع، كان منها ما هو سيء الطعم فلم نتعامل معه مرة أخرى وكان منها ما هو لذيذ جدا، وكانت النتيجة النهائية أننا وجدا نوعا سعره ربع سعر النوع المشهور ولكنه ألذ منه في الحلويات. مما يعني انه قد تجد بدائل أرخص وذات جودة عالية للمواد الأولية.

ومن ناحية أخرى، لا تقوم بشراء المواد الأولية من أي محل أو بقالة، بل قم بالبحث عن المحل الذي يعطيك هذه المادة بأرخص سعر، وقم باستغلال العروض التي تقوم بها المولات والمحلات بالقالة الكبيرة، فإن هذه العروض قد توفر عليك ما يصل إلى 15% من تكلفة المنتج.

5. التغليف والملصق التعريفي

يستهين الكثير من المنتجين بأهمية التغليف والملصق التعريفي، خصوصا منتجي المأكولات المنزلية، حيث يسود اعتقاد لدى الكثيرين بأن لا حجه لغلاف مرتب وملصق تعرفي بما أن المنتج مصنوع في المنزل، وكأن كلمة "صناعة منزلية" عبارة عن سحر يغطي الأبصار ليقوم الزبون بشراء المنتجات دون أن يعلم تفاصيلها، وهذا أكبر خطء.

الزبون ليس بالشخص الغبي وخصوصا في موضوع المأكولات، وخصوصا إن كان سيطعم هذه المأكولات لعائلته، فإن أهم شيء عنده أن يتأكد من سلامة المأكولات قبل أن يشتريها، فمن الطبيعي أن يقوم بالتأكد من إحكام إغلاق التغليف للمواد الغذائية، وهذا يتطلب من المُنتج أن يكون على دراية بكيفية تغليف المنتجات بحيث لا تتلف خلال فترة التخزين.

وهذا لا يعني أيضا أن تهتم بالتغليف بشكل زائد عن الحد، إذ أن هذا أيضا يرفع التكلفة، وليس هذا المراد، فعلى سبيل المثال فإن أفضل وأرخص طريقة لتخزين الزعتر المكلف (الجاهز للأكل مع السمسم والسماق) هي وضعة بأكياس النايلون الشفافة من طبقتين، وأن يحكم إغلاق كل طبقة من خلال الكبس الحراري وليس الربط! إذ أن الربط يعطي فكرة للزبون بأن المُنتِج لا يعلم أهمية النظافة في الإنتاج، لذلك يجب أن تستخدم المكبس الحراري، والذي لا يعتبر ذا تكلفة عالية، إذ يمكن جلب الحجم الصغير منه بتكلفة لا تعدى الخمسة عشر دينار.

ولا يجب أن ننسى أهمية الملصق التعريفي، إذ أن له أهمية كبيرة على الصعيدين التسويقي ومستوى تقبل الزبائن للمنتج، إذ أن المعلومات الموجودة على الملصق تزيد من اطمئنان الزبون للبضائع إذ أنه يتأكد من معرفة الصانع بأسرار صنعته ويساعده أيضا بمعرفة جودة المُنتَج، ومن ناحية أخرى يساعد الملصق الزبون على تحديد اصحاب المذاق الجيد والجودة العالية من المنتجين مما يجعله يبحث مرة أخرى عن نفس المُنتَج، مما يعني زيادة مبيعات المُنتِج.

ويمكن صناعة الملصق التعريفي بأبسط الأدوات وبدون أي تكاليف مرتفعة، إذ أن كل ما تحتاجه عبارة عن أوراق قابلة للالتصاق وهي متوفرة في المكتبات بأسعار زهيدة، ويمكنكم الكتابة عليها إما بخط اليد أو من خلال استخدام الطابعة المنزلية. ولكن المهم أن تحتوي على المعلومات التالية:

  • المُنتِج: هذه المعلومة هي أهم معلومة على الإطلاق في الملصق، فهي التي تعرف الزبون بصاحب هذه المنتجات، والتي إن أُعجب بها سوف يعود للبحث عنها مرة أخرى.
  • الصنف: أي ما هي المادة الغذائية الموجودة داخل هذا العبوة أو الكيس، فليس لكافة الزبائن المعرفة بكافة المواد الغذائية، وغير ذلك فإن الكثير من المواد متشابه الشكل ولا يدل على اختلافها إلا الاسم المذكور على الملصق، ومن الأمثلة على هذا السمبوسك، فهنالك سمبوسك محشي باللحمة، وهنالك ما هو محشي بالجبنة.
  • تاريخ الإنتاج والانتهاء: وهذه المعلومة مهمة جدا، إذ أنه من المعلوم لدى الجميع ومن كافة طبقات المجتمع أن الطعام منتهي الصلاحية يؤدي إلى مشاكل صحية الجميع في غنى عنها، لذا لا بد من ذكر تاريخ الإنتاج والانتهاء، ويجب أن تعلموا أن أغلب الزبائن لا يقومون بشراء المواد الغذائية إلا إن تأكدوا أن فترة صلاحيتها لم تنتهي بعد.
  • الوزن أو الكمية: إذ يتطلع الزبون دائما إلى الكمية التي يود شرائها، حيث أن المقارنة دائما تعتمد على السعر والوزن أو الكمية، فيجب أن تكون الكمية واضحة للزبون، ولا يجب أن تنسى ذكر الوزن القائم والصافي إن كانت العبوة المستخدمة ثقيلة الوزن مثل مرطبان الزجاج.
  • كيفية الحفظ: في الكثير من الأحيان تتلف المنتجات الغذائية بسبب سوء حفظ الزبون لها، مما يؤدي إلى إلقاء اللائمة على المُنتِج، مع أن الخطء قد صدر من الزبون، لذلك يجب أن تكون شروط الحفظ واضحة للمستهلك، ومن هذه الشروط أن تحفظ مجمدة أو بعيدة عن الرطوبة أو أن لا ينقص مستوى المياه وما إلى ذلك.
  • المكونات: ولا يطلب منك هنا كشف سرك، ولكن للزبون الحق في معرفة ماذا سوف يأكل، فهنا يتم ذكر المكونات دون ذكر النسب.
  • طريقة التحضير: وهذه المعلومة مهمة في حال أن المأكولات غير جاهزة للأكل مثل الكبة والسمبوسك المجمد، لأنها توضح أفضل طريقة للتحظير بحيث يحصل المستهلك على أفضل طعم، أما بالنسبة للمواد الغذائية الجاهزة للأكل مثل المخللات فلا داعي لذكر هذه المعلومة.

والصورة التالية توضح نموذج للاصق التعريفي مع بعض الشروحات (اضغط على الصورة لتكبيرها):




أرجو أن تكون هذه المعلومات قد فادتكم، وهذه نصائحي لكل من يعمل في مجال المأكولات المنزلية. ونحن في أيضا في بحث مستمر لمنتجين جدد لكي نضمهم إلى شبكتنا لبيع المنتجات المنزلية.